كنت، وكغيري من الرواد الذي خاضوا مجال التجارة الإلكترونية منذ وقت مبكر،
نعرف جيداً السياق الذي يذهب إليه العالم في رقمنة التجارة، فالتقنية الآن أصبحت كلمة السر وراء النجاح الكبير لهذا السوق المتنامي بشكل مطرد.
والحقيقة أن الحديث عن النجاحات التي حققتها قطاعات التجارة الإلكترونية في العالم لم تعد أمراً مستغرباً،
فالسياق الآن يتجه نحو الأسواق الإلكترونية على المستوى المحلي والدولي، وكل الأنشطة التجارية المختلفة أصبحت أمام أمر واقع في إدخال التقنية في أدواتها التجارية وربما ستكون هي الأولى في مستقبل الأيام.
ومن باب القول إن (مصائب قوم عند قوم فوائدُ)، فقد كانت مصيبة جائحة كورونا التي اجتاحت العالم غنيمة ربح وفرصة استثمار لزيادة نفوذ قطاع التجارة الإلكترونية واتساع رقعة المتعاملين بها من المستثمرين ورواد الأعمال والمستهلكين على حد سواء، ورغم هذا النمو السريع في قطاع التجارة الإلكترونية، إلا أنني أود تنبيه رواد الأعمال من الشباب أن حجم المبيعات في هذا القطاع الجديد لا تتعدى 12% من إجمالي تجارة التجزئة في العالم.
ماذا يعني لك هذا كرائد أعمال؟
بالطبع فإن جوابك سيكون بأن المجال لا يزال يحمل الكثير والكثير، ولا تزال الفرص مفتوحة الأبواب على المستوى المحلي والدولي، ومن واقع تجربة شخصية في قطاع التجارة الإلكترونية أزعم أن باستطاعة شبابنا أن يصنعوا تجارتهم الخاصة بداية من قلب الدوحة وانطلاقاً إلى هذا العالم الفسيح.
صحيح أن البعض من رواد الأعمال قد يخاف من حجم المنافسة في واقع إلكتروني يكتظ بالملايين من اللاعبين المحترفين الذين يجيدون جذب انتباه المستهلك وتسويق منتجاتهم بطرق شتى، لكن الأمر الجيد أن بإمكان رواد الأعمال صناعة نماذجهم الخاصة وتقديم وسائل جديدة لجذب المستهلكين والحصول على رضاهم وبالتالي تحقيق التفاعل والتواصل معهم وتوسيع أعمالهم التجارية إلى محطات أوسع.
الأهم:
هنا الآن أن تبدأ الخطوة الأولى في اختراق هذا المجال دون تردد، والبحث عن الفرصة واقتناصها كصياد ماهر، ثم تأتي مرحلة وضع اللبنات الأساسية لتزويد تجارتك الإلكترونية بوسائل وأدوات البناء وتدعيمها تقنياً وتسويقياً حتى تقف على قدميها ولربما لن تكتفي بالوقوف بل ستطير إلى الآفاق وستطير معها أحلامك.
الأمر المشجع لرواد الأعمال في قطر أن هناك الكثير من المزايا التي تتميز بها دولة قطر دون غيرها من الكثير من بلدان المنطقة، ففي قطر يرتفع مستوى استخدام الأسر للأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتصفح التطبيقات المختلفة بنسبة تزيد عن 95%، وأظهرت الأبحاث قضاء أفراد المجتمع القطري قرابة 45 ساعة أسبوعياً على شبكة الإنترنت، وهذا الأمر ارتبط بأمرين أولهما ثقافة تقنية شجعتها الدولة، ثانياً توفر بنية رقمية متطورة الأمر الذي جعل قطر تحتل المركز الثامن عالمياً في ركيزة مدى جهوزية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحسب تقرير التنافسية العالمية لعام 2019م.
انتهجت دولة قطر سياسة طموحة في تهيئة البنية الرقمية التي تسهل وتشجع ممارسة التجارة الإلكترونية، وأطلقت العديد من المبادرات الاستراتيجية لتقديم خدمات رقمية واستشارية تساعد قطاع التجارة الإلكترونية في تحسين النشاط التجاري وتقديم فرص جديدة وممارسات تصبو إلى نقل التجارب العالمية والاستفادة منها.
ولعلي أشير إلى بعض تلك المبادرات، وكيف يمكن الاستفادة منها في الجزء الثاني من المقال.