التجارة الإلكترونية في قطر.. المفهوم والممارسة

قبل ثلاثة عقود من الزمن كان من الصعوبة التصديق بإمكانية بيع المنتجات وشراؤها عبر الشبكة العنكبوتية، وكان من المبالغة أن تتحدث عن صناعة فرص استثمارية كبيرة عبر تطبيقات الجوال، وإنشاء متاجر وشركات صغيرة ومتوسطة وكبيرة تُدار من المنزل؛ لكن الأمر الآن اختلف وأصبح العالم يسابق الخطى نحو هذا النوع من التجارة المُربحة التي أطلق عليها مسمى “التجارة الالكترونية”.

هذه الطفرة الكبيرة في العالم التقني وضعت الدول والمؤسسات والمستثمرين بل وحتى الأفراد في تحدٍ حقيقي للمواكبة وسرعة الانتقال إلى مجالات أوسع في البيع والشراء والترويج، والانطلاق مع المحلية إلى العالمية عبر ضغطة زر في جوال شخصي.

ماذا نقصد بالتجارة الإلكترونية؟

وفقاً لمنظمة التجارة العالمية (OMC)، فالتجارة الإلكترونية “تشتمل على أنشطة إنتاج السلع والخدمات، وتوزيعها، وتعريفها، وبيعها، أو تسليمها للمشتري، من خلال الوسائط الإلكترونية”. أما الاتحاد الأوروبي فيرى بأنها “كل الأنشطة التي تتم بوسائل إلكترونية سواء تمت بين المشروعات التجارية والمستهلكين، أو بين كل منهم على حدة وبين الإدارات الحكومية”.

واقع التجارة الإلكترونية في قطر

وكعادتها في تصدر السباق العالمي، تحث دولة قطر الخُطى بشكل متسارع في تطوير بنية التجارة الإلكترونية وتوفير البيئة المناسبة والبنية التحتية التي تسهل الرواد في سباق هذا القطاع المهم، وإذا كانت مبيعات السوق الإلكتروني عالمياً قد وصلت إلى 3.45 تريليون دولار لعام 2018م، ومن المتوقع أن تتضاعف إلى 4.5 تريليون دولار خلال هذا العام 2020، فإن المتوقع في دولة قطر أن تقفز قيمة معاملات التجارة الإلكترونية خلال العامين القادمين إلى ما يزيد على 12 مليار ريال، ولذلك نلاحظ زيادة في حجم التنافس في هذا السوق داخل قطر خصوصاً بين رواد الأعمال الصغار باعتبار أن تأسيس مشروع في هذا القطاع الإلكتروني لا يُكلف الكثير من رأس المال.

وفي سبيل هذا السباق لتطوير بنية التجارة الإلكترونية وضعت قطر لنفسها رؤية اقتصادية وتنموية شاملة لتحقيقها حتى عام 2030م أصبحت قطر في المركز 12 دولياً من حيث الاعتمادية على التكنولوجيا على مستوى الشركات عام 2016، وارتفع مركز قطر في مؤشر التجارة الإلكترونية في العام 2019م إلى المرتبة 47 عالمياً لتنضم إلى الخمسين الكبار عالمياً.

أضف إلى ذلك برنامج التحول الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة الذي يركز على الخدمات السحابية، والتجارة الإلكترونية في حين يقدم مركز الخدمات الاستشارية “بداية” مجموعة من الخدمات والبرامج لدعم وتمكين شباب قطر في عملية إطلاق نشاطهم التجاري، كما قامت وحدة التجارة الإلكترونية التابعة لوزارة الاتصالات ببناء برنامج قطر للتجارة الإلكترونية لوضع خريطة الطريق لكل أبجديات العمل التجاري عبر الإنترنت.

فرص واعدة

إن سوق التجارة الإلكترونية في دولة قطر في سباق لا يتوقف، وتعطي الدولة أولوية كبرى في تنمية قطاع التجارة الإلكترونية، وتطوير البنية التحتية اللازمة لهذا القطاع، وبالتالي أمام الكثير من رواد الأعمال العديد من الفرص التي تحتاج إلى اقتناص، فهذا السوق واعد في النمو، والتوجه الحكومي نحو تطوير هذا القطاع يعزز فرص النجاح، فضلاً عن أن تجربة وباء كورونا وظهور الكثير من العقبات والتحديات في سوق التجارة قد عزّز من التوجه نحو طريق المستقبل، طريق الاستثمار عبر الإنترنت، والذكي من يحول المحِن إلى فرص.. ومن يطرق الجرس يكسب.